وتأثيره على الصحة البدنية والروحية
بروفيسور فيصل عبداللطيف الناصر
رمضان شهر العبادة والإيمان وفرض من الرحمن وبه الكثير من الخيرات العائدة علي الانسان. يقول جل جلاله “وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون”. فللصيام فوائد عديدة لا تحصر في الابدان بل علي نفس وروح واخلاق الانسان التي تعمل علي الارتقاء به وسموه في كل زمان ومكان.
فالصوم أقوى سلاح للاضطرابات النفسية حيث يعمل علي التوازن النفسي والروحي والجسدي لماله من قدره علي رفع المستوى الفكري فوق المستوى المادي وبالتالي الشعور بالارتياح والطمأنينة والصفاء الذهني. وبالجانب الروحي يعمل علي تطويع وتهذيب النفس البشرية ومجاهدتها وتهدئتها والحد من الغضب والاقلال من الثورة النفسية والقلق والتوتر والاكتئاب والأرق ومن ثم التحكم في اهوائها والسيطرة علي شهواتها وزيادة مقدرتها علي الصبر وتحمل الأذى وعلى مواجهة المصاعب الحياتية والإحباط المتكرر, ويساعد علي التغلب على العادات والممارسات غير الصحية كالتدخين والإفراط في الأكل, ولكي يعلمنا طريقة الاستفادة الكاملة من هذا الشهر يقول رسول الله صلي الله علية واله وسلم “إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابّه أحد فليقل إني إمرأ صائم”.
اما علي صعيد الجسد فلقد اكتشف الطب الحديثً ما جسده المسلمين القدامى من أن المعدة هي بيت الداء, حيث استفاد من مفعول الصوم في العلاج ما لم يستفد منه بالعقاقير، ولعّل أشهر مصحة في العالم في سكسونيا تقوم علي اساس العلاج بالصوم.
من المعروف بان الكثير من الأمراض ناتج عن اختلال الجهاز الهضمي، حتى ذكر أحد الأطباء: “إن معظم الناس يحفرون قبورهم بأسنانهم” وتقول الآية الكريمة “وكلوا واشربوا ولا تسرفوا”. لذا فالصوم ينظم عملية هضم الغذاء ويمنح الراحة لأجهزة جسم الإنسان فيخفض اضطرابات الجهاز الهضمي ويقي شر المضاعفات الناتجة عنه كما يقلل من احتمالات الإصابة بتقرحات المعدة والاثني عشر. كما يعزز من عملية إزالة السموم من الجسم بسبب انتظام الطعام والاقلال من الأطعمة المصنعة الحاوية على المواد الحافظة والمضافة والتي قد تكون غير امنه علي الانسان. ويجنب من مخاطر أمراض العصر كداء السكر وارتفاع الضغط والكولسترول ويساعد علي زيادة حرق الدهون والتخفيف من السمنة وتصلب الشرايين مقللا من احتمالات الاصابة بجلطات القلب والمخ وداء الملوك والشفاء من آلام المفاصل. والصيام يساعد على تعزيز الجهاز المناعي ويعمل علي سرعة علاج الالتهابات حيث بينت الأبحاث أن تجديد الجهاز المناعي يتم عادة مع الصيام.
ومن الفوائد الهامه للصوم انه يقاوم الشيخوخة ويطيل العمر فتنشط الجينات المسئولة عن إفراز الهرمونات المساعدة للخلايا في مواجهة الشيخوخة وخصوصا خلايا المخ وتزداد كفاءة توصيل الإشارات فيها, فمن المعروف ان تكدس المواد السامة الناتجة عن عملية التمثيل الغذائي وهضم الطعام تتلف الخلايا.
وختاما لا بد من التذكير من وجوب الاتزان في الطعام من حيث النوعية والكمية، وعدم الافراط لان الصائم لن يتمكن من تخزين الطعام الذي قد يعتقد بانه سيعينه خلال فترة الصيام، بل انه يهضم ويمتص من الأمعاء خلال فترة بين 2-3 ساعات. والجدير بالذكر من أن الجوع ليس هو السبب الرئيسي للإحساس بالتعب أثناء فترة الصوم ولكن بسبب الخمول او عدم أخذ القسط الكافي من النوم والراحة بسبب طول السهر.
اخيرا فرمضان هو شهر العبادة الروحية والتربية الجسدية، وأن الفوائد المترتبة علية لا تحصي ولا تكمن في الثواب المرجو منه فحسب بل أيضاً ما ذكر من الفوائد الصحية والتدريب النفسي والخلقي.
18/06/2015