مكنون السعادة

by | Jun 4, 2025 | Articles, Blog, Tips

بروفيسور/د فيصل عبد اللطيف الناصر
كلية طب أمبريل : لندن
رئيس مركز الرعاية الصحية المنزلية‏

ما هي السعادة وهل السعادة كلمة تقاس بدرجات أو بفعل معين ام السعادة احساس وتفاعل مشاعر . وكيف تحدث السعادة وما هي العوامل المؤثرة عليها اهي عوامل داخلية خاصة بالشخص أو عوامل وراثية أو عوامل بيئية وهل الالتزام الديني مبعث للسعادة ام لها علاقة بتوفر النواحي المادية وما هو تأثير السعادة على الصحة والجهاز النفسي. جميع تلك الاسئلة تحفز التفكير في مفهوم السعادة عموماً فالسعادة شعور معنوي لا يقاس ولكن تبدو على الشخص في مظهره وفي تصرفاته وغالباً ما تكمن السعادة عندما يعم الاستقرار النفسي, لذا فمعرفة نفسك هي الخطوة الأولى للحصول على المزيد من السعادة. الا انه لابد من العلم انه لن تشعر بالسعادة الجوهرية بوجود اولادك وعائلتك وإخوانك واصحابك بجنبك ولن يتمكن اي شخص من منحك ذلك ولا يمكن لأحد دون تقبل نفسك من اسعادك الا ان كل ما يستطيعون فعلة هو ابعاث السرور المؤقت في قلبك ولفترة وجيزة ولكن السعادة الابدية هي بيدك فتتحكم في نفسك, فعندما تستقر تبلغ السعادة عندئذٍ تبدأ العوامل المحيطة بك بتكمين السعادة فيك, فقد يبهج الانسان عندما تتوفر له الاشياء المادية وآخر عند تكوينه اسرة مستقرة والمعتل يغبط عندما تُمن علية العافية واخرين عند وصولهم للهدف او تحقيق انجاز معين.

الا ان السعادة هي احساس دائم لا ارادي ممزوج بشخيصة الشخص ويختلف عن البهجة او الفرح التي تعتبر حالة مؤقتة من تغيير المزاج تحصل للانسان عند حدوث حدث مفرح له (كالنجاح او تحقيق رغباته). والسعادة تتمثل في المشاعر الداكنة في نفس الانسان وهي خليط عن مدى الشعور بالفرح، أو الرضا، أو الصحة الجيدة إلى جانب الشعور بجمال الحياة وحلاوتها وانها ذات معنى وجديرة بالاهتمام. فالسعادة مزيج من مدى الرضى عن الحياة ومدى الشعورالمريح الذى يغمر الانسان يوما بيوم, فالحياة تتغير والمزاج يتقلب بشكل دائم ولكن الاحساس بالسعادة مبرمج مسبقاً ووراثياً.

‏والسعادة شعور مشترك لدى جميع الكائنات الحية فالحيوانات الاليفة تشعر بالسعادة عندما يتم تدليلها واللعب معها كما بينت الدراسات ان بعض النباتات تنمو وتزدهر عندما يتم الاعتناء بها وملامستها وكذلك الانسان فلا اعتقد ان هناك اي شخص لا يتمني ان يكون سعيداً.

ومن العوامل المؤثرة والتي تمكن الشخص من الازدياد في السعادة هي العيش في الحاضر دون الحاجة إلى التركيز المفرط على المستقبل أو الماضي وكذلك التواجد مع الآخرين الذين يجعلونك تبتسم فالدراسات تبين أننا أسعد عندما نكون حول أولئك الذين هم أيضا سعداء, والتمسك بالقيم يبعث على الرضا ومن ثم تجعلك اكثر سعادة كما ان تلبية متطلبات النفس واحتياجات الجسد وعدم حرمانها تزيد السعادة إن بعض الناس يجهدون انفسهم لتجنب عواطفهم الا ان مفتاح السعادة هو أن تمنح لنفسك إذنًا غير مشروط لتحس بمشاعرك وتبدي وتتفاعل مع عواطفك.

يقول رئيس وزراء فنلندا السابق الكسندر ستاب انك لكي تحصل علي السعادة فعليك اتباع وصفة 8+8+8 اي 8 ساعات من النوم يومياً لإعطاء الجسم اكثر قدر من الراحة و 8 ساعات فقط من العمل في اليوم مهما كلف

الامر و 8 ساعات من المتعة الشاملة كمثل اللعب مع الاطفال او مجالسة العائلة او التواصل مع الاخرين, كما ذكر وصفة ثانية اطلق عليها 1+1+1 اي مارس الرياضة يومياً لمدة ساعه وإقرأ كتاب لمدة ساعة وان تقضي ساعة واحدة فقط على وسائل التواصل الاجتماعي لكي تستمتع بحياتك. لكي تكون سعيدا اعمل على استقرار ذاتك ومع بداية كل يوم فإن أول شيء تفعلة هو ألأمر الذي يجعلك سعيدًا كما عليك بدأ يومك بشكل إيجابي من خلال الانخراط في نشاط ممتع كل صباح محاولاً التخلص من أي شىء يعكر مزاجك او يعمل على افساد يومك حتى ولو عامل فاسد واحد فإنه يعكر عليك يومك ويزعجك فالمضايقات تغير من مزاجك وتقلل من سعادتك فكل شيء من حولنا يؤثرعلى مدى شعورنا بالسعادة لذا لا بد ان نحيط انفسنا بالمحفزات على السعادة كالروائح الجميلة والأصوات العذبه والموسيقى الإيجابية ضمن بيئة خلابة.

تشير الأدلة العلمية على أن السعادة لها فوائد كبيرة على الصحة فهي تعمل على تعزيز جهاز المناعة وتحفز العيش في حياة صحيه (ممارسة الرياضة والاكل الصحي وغيرها) وتقلل من الاصابة بالامراض واحتمالات الاصابة بالاورام وتكافح الإجهاد وتمنع الارق مما تساعد على النوم وتقلل القلق والتوتر والغضب فتمنع الاصابة بالامراض المزمنة كالضغط والسكري وتحمي القلب وتقلل الشعور بالألم وتطيل العمر وتقلل من مضاعفات الشيخوخة.

فهل هنالك علاج يحمي الانسان افضل من الشعور بالسعادة.